الموقع والشخصيات
تنام حارتنا في حضن جبل يبدو لرائيه وهو قادم من التنعيم كشيخٍ حكيم قعد قِعدة القضاء والفصل في الأحكام يرمق من تحته بعين الأبوَّة الحانية على أنه وإن بدا مظهره هكذا إلا أنه جبل لا يضر ولا ينفع، يدعى هذا الجبل على ألسنة أبناء تلك الحارة (جبل مبارك)، والشيء بالشيء يذكر.
فإنَّ ( مبارك بن معتق ) رجل كريم معطاء معروف في الأسواق، صاحب صوت أجس، وعينين خاطفتين كالبرق، ولسان صارم، وله يد تقذف بالبشطاء شقاوة الصبية فتبعثرهم وتشتت جمعهم، وإليه نسب الجبل؛ لأنه كان يقطن بجواره، وجرياً على عادة الاسم والمسمّى عند أهل الحيِّ، فقد كانوا يسمّون الحبل باسم من جاوره تقديراً منهم لحق الجار كما ستعلم من هذه السلسلة؛ ولذا فقد سمّى الجبل باسم ذلك الرجل، كما سمِّيت الحارة باسم حارة فالح أولاً، وأخيراً باسم حارة رضوان؛ لأن فالح هو أول رجل مع أخيه صلاح يدخل ذلك الشعب المهجور، ويبني فيه داره ودار أخيه الذي ظفر بكل أراضي الحيِّ ثم قسّمها سخاءً وكرماً لبني قومه وجيرانه ليكون هو أول لبنة في حارتنا القديمة تتابعت بعده اللبنات وتوافدت الأسر، وتكوَّن مجتمع الحارة القديمة على صفين متناظرين في كل صفٍ عدد من الحجرات الصغيرة المتناظرة، وكان الشعب واحداً فقط، ولم تتشعب الحارة إلا بعد أمدٍ بعد أن تشعّب الطريق بالقلوب فتبعتها الأجساد، وإلا فالحارة القديمة كانت ذات شريان واحد يصبُّ معه الغيث ويهدر السيل فيمرُّ مسلِّماً على (القطرتين) كما يسمونها آنذاك، ويقسم التربة الناعمة على جهتين؛ فيبدو منظر الحارة أخّاذاً بعد هطول المطر وارتواء الأرض واستلقاء الصبية وهم يلعبون على تراب السيل الناعم الأبيض ويقطفون النبتات الصغيرة التي يدعونها (زرع الحبحب)؛ لأنه ربَّما نتج عن بذر الحبحب الملقى على قارعة الطريق.
شخصيات مؤثرة :
سأمرُّ بك الآن على بعض الأسماء مروراً سريعاً مع نتف بسيطة عن أدوارهم في تلك الحارة، مكتفياً بالإشارة، والبسط عنهم ربَّما يكون حسب وقوع الأحداث في السلسلة إنْ بدا ما يضطرني لذلك.
فمن الشخصيات التي تبدو على مسرح هذه الحارة القديمة :
(عبدالله بن مرزوق) شيخ يطارد المهملين الذين يتركون مقاعد الدراسة خالية ليعبثوا بمرافق الحارة على حين غفلةٍ من الرجال. مطارد من الدرجة الأولى، يمشي الهوينى ويجيء في الأول! أب يحمل همَّ كل الأطفال آنذاك.
(مرزوق بن ناهض) والده شيخ مسن، وصائد ماهر، يصطاد أعقاب الصبية الأشقياء فيسقطون أرضاً ويدركهم، وهو محني الظهر مما كرَّ عليه من الدهر رحمه الله.
(حمدي بن عيد) رحمه الله، المؤذن الأول في تلك الحارة القديمة، رفيق الرادي، صاحب الوضوء المتقن، يجيد صبَّ الماء على أعضاء الوضوء برفق وسهولة وأناقة، يمرُّ وهو يحمل قنينتين كل عصر يشق بها صفوف الصبية.
(مرزوق بن عيد الرويعي) رحمه الله، المنادي إلى الصلاة أثناء الذهاب إلى المسجد، الرجل الذي امتلأ عصاميَّة ورجولة وديناً، كيف يتحدث عنه قلم بيد ابن من أبنائه ثم يرى أنه أنصفه.
(مبارك بن معتق) رحمه الله ، ذكرت طرفاً من خبره في معرض حديثنا عن الجبل المنتسب له.
(صلاح بن ناهض) رحمه الله، لا أذكر من هذا الرجل إلا لحيته البيضاء الكثة الوقورة، وقامته المهيبة، وربَّما عند غيري ما يثلج الصدر عنه وعن أخباره.
(عيد السليهبي) رحمه الله، سمعت عن دهائه وذكائه وقدرته الفائقة على استدراج الصبية الأشقياء إلى الاعتراف بكل زهو وفخر.
(عطية الله السليهبي) رجل طيب هادئ الطباع، بشوش الوجه، رياضي الحركة، يسير على الأقدام مسافة نعجز عن قطعها اليوم، رحمه الله.
(عقلا بن عقيل السليهبي) رجل حاد البصر ، حاد الطبع على طيبة فيه وحسن خلق، تاجر ماهر، رحمه الله.
(غالي بن جزاء السليهبي) رحمه الله، صاحب السيارة الحمراء العتيقة (الأنيسة)، له مواقف من الصبيان تدل على شقاوتهم وعلى دهائه، فكره ثاقب، هادئ الحديث، خفيف النبرة، غير متسرعٍ ولا عجل، شيخ في قومه، وله مكانه بينهم، يفصل في الخصومات بكل هدوء.
بهؤلاء الذين ودعنا أكتفي، علماً بأني جعلت ترتيب الأسماء عشوائياً حسب ورودها في الخاطر.
تنام حارتنا في حضن جبل يبدو لرائيه وهو قادم من التنعيم كشيخٍ حكيم قعد قِعدة القضاء والفصل في الأحكام يرمق من تحته بعين الأبوَّة الحانية على أنه وإن بدا مظهره هكذا إلا أنه جبل لا يضر ولا ينفع، يدعى هذا الجبل على ألسنة أبناء تلك الحارة (جبل مبارك)، والشيء بالشيء يذكر.
فإنَّ ( مبارك بن معتق ) رجل كريم معطاء معروف في الأسواق، صاحب صوت أجس، وعينين خاطفتين كالبرق، ولسان صارم، وله يد تقذف بالبشطاء شقاوة الصبية فتبعثرهم وتشتت جمعهم، وإليه نسب الجبل؛ لأنه كان يقطن بجواره، وجرياً على عادة الاسم والمسمّى عند أهل الحيِّ، فقد كانوا يسمّون الحبل باسم من جاوره تقديراً منهم لحق الجار كما ستعلم من هذه السلسلة؛ ولذا فقد سمّى الجبل باسم ذلك الرجل، كما سمِّيت الحارة باسم حارة فالح أولاً، وأخيراً باسم حارة رضوان؛ لأن فالح هو أول رجل مع أخيه صلاح يدخل ذلك الشعب المهجور، ويبني فيه داره ودار أخيه الذي ظفر بكل أراضي الحيِّ ثم قسّمها سخاءً وكرماً لبني قومه وجيرانه ليكون هو أول لبنة في حارتنا القديمة تتابعت بعده اللبنات وتوافدت الأسر، وتكوَّن مجتمع الحارة القديمة على صفين متناظرين في كل صفٍ عدد من الحجرات الصغيرة المتناظرة، وكان الشعب واحداً فقط، ولم تتشعب الحارة إلا بعد أمدٍ بعد أن تشعّب الطريق بالقلوب فتبعتها الأجساد، وإلا فالحارة القديمة كانت ذات شريان واحد يصبُّ معه الغيث ويهدر السيل فيمرُّ مسلِّماً على (القطرتين) كما يسمونها آنذاك، ويقسم التربة الناعمة على جهتين؛ فيبدو منظر الحارة أخّاذاً بعد هطول المطر وارتواء الأرض واستلقاء الصبية وهم يلعبون على تراب السيل الناعم الأبيض ويقطفون النبتات الصغيرة التي يدعونها (زرع الحبحب)؛ لأنه ربَّما نتج عن بذر الحبحب الملقى على قارعة الطريق.
شخصيات مؤثرة :
سأمرُّ بك الآن على بعض الأسماء مروراً سريعاً مع نتف بسيطة عن أدوارهم في تلك الحارة، مكتفياً بالإشارة، والبسط عنهم ربَّما يكون حسب وقوع الأحداث في السلسلة إنْ بدا ما يضطرني لذلك.
فمن الشخصيات التي تبدو على مسرح هذه الحارة القديمة :
(عبدالله بن مرزوق) شيخ يطارد المهملين الذين يتركون مقاعد الدراسة خالية ليعبثوا بمرافق الحارة على حين غفلةٍ من الرجال. مطارد من الدرجة الأولى، يمشي الهوينى ويجيء في الأول! أب يحمل همَّ كل الأطفال آنذاك.
(مرزوق بن ناهض) والده شيخ مسن، وصائد ماهر، يصطاد أعقاب الصبية الأشقياء فيسقطون أرضاً ويدركهم، وهو محني الظهر مما كرَّ عليه من الدهر رحمه الله.
(حمدي بن عيد) رحمه الله، المؤذن الأول في تلك الحارة القديمة، رفيق الرادي، صاحب الوضوء المتقن، يجيد صبَّ الماء على أعضاء الوضوء برفق وسهولة وأناقة، يمرُّ وهو يحمل قنينتين كل عصر يشق بها صفوف الصبية.
(مرزوق بن عيد الرويعي) رحمه الله، المنادي إلى الصلاة أثناء الذهاب إلى المسجد، الرجل الذي امتلأ عصاميَّة ورجولة وديناً، كيف يتحدث عنه قلم بيد ابن من أبنائه ثم يرى أنه أنصفه.
(مبارك بن معتق) رحمه الله ، ذكرت طرفاً من خبره في معرض حديثنا عن الجبل المنتسب له.
(صلاح بن ناهض) رحمه الله، لا أذكر من هذا الرجل إلا لحيته البيضاء الكثة الوقورة، وقامته المهيبة، وربَّما عند غيري ما يثلج الصدر عنه وعن أخباره.
(عيد السليهبي) رحمه الله، سمعت عن دهائه وذكائه وقدرته الفائقة على استدراج الصبية الأشقياء إلى الاعتراف بكل زهو وفخر.
(عطية الله السليهبي) رجل طيب هادئ الطباع، بشوش الوجه، رياضي الحركة، يسير على الأقدام مسافة نعجز عن قطعها اليوم، رحمه الله.
(عقلا بن عقيل السليهبي) رجل حاد البصر ، حاد الطبع على طيبة فيه وحسن خلق، تاجر ماهر، رحمه الله.
(غالي بن جزاء السليهبي) رحمه الله، صاحب السيارة الحمراء العتيقة (الأنيسة)، له مواقف من الصبيان تدل على شقاوتهم وعلى دهائه، فكره ثاقب، هادئ الحديث، خفيف النبرة، غير متسرعٍ ولا عجل، شيخ في قومه، وله مكانه بينهم، يفصل في الخصومات بكل هدوء.
بهؤلاء الذين ودعنا أكتفي، علماً بأني جعلت ترتيب الأسماء عشوائياً حسب ورودها في الخاطر.
السبت أكتوبر 12, 2013 6:48 pm من طرف أبو مشاري
» شخصيات من الحي
الأحد أبريل 10, 2011 12:23 am من طرف زائر
» الشنقيطي يشرح بمسجد التنعيم
الإثنين أكتوبر 05, 2009 3:46 am من طرف ابو صبا
» منازل ايران قبل 700 سنة
الجمعة سبتمبر 04, 2009 6:18 am من طرف أبو مشاري
» رمضان شاهد لك او عليك
الخميس سبتمبر 03, 2009 10:52 am من طرف أبو مشاري
» حياة القلوب
الإثنين أغسطس 31, 2009 11:24 pm من طرف أبو مشاري
» اسئلة بدون مجاملة للواثقين فقط
الأربعاء أغسطس 26, 2009 1:58 am من طرف ابو صبا
» تحديد القبلة بالجوال .........راااااائع
الأحد أغسطس 16, 2009 8:45 am من طرف ابو صبا
» المصحف الشريف على شاشتك كأنك تلمسه
الأحد أغسطس 16, 2009 8:26 am من طرف ابو صبا