نطّاح ومنطوح
في وقت كان الصبية يتلذذون بشقاوتهم البريئة، ويملؤون أفواههم بالضحكات الساخرة، ولم يكن أحد منهم يقدِّر أن شيئاً ما سيحدث، وأنه سيأتي مَنْ يجعلهم أضحوكة عقاباً لهم، ورداً لفعلاتهم ومقالبهم الساخنة؛ حتى دخل الحيَّ تيسٌ فحل نطوح، ملأ الحي بالضجيج والعويل، وشتت جمع الصبية؛ فصاروا لا يخرجون إلا حذرين على قلق واضطراب؛ وكأنَّ ذلك (التيس الفحل) متمثلاً ببيت أبي العتاهية :
كلُّ نطَّاحٍ من الناس لهم يـوم نطـوحُ
دخل هذا التيس وكان لرجلٍ يدعى (البوقري)، وإليه نسب التيس؛ فصار اسمه (تيس البوقري)، وأصبح اسماً مرعباً يملأ القلوب رعدةً، وترتجف الشفاه عند نطقه، وتفرُّ الأقدام هاربةً بصاحبها إذا ما رأى ذلك (التيس النطوح)، حتى إن اسم البوقري صار فيما بعد علماً لكل تيس فحل نطوح عند أهل الحي، فإذا قيل هذا (التيس) (بوقري) فُهِمَ أنه فحل ينطح، وأنه كبير الحجم.
يحدثني أحد الأصدقاء أنه قال لصديقٍ له ليس من سكَّان هذا الحيّ وذلك عندما رأى تيساً كبيراً حيث قال هذا تيس بوقريّ!
فتعجب منه صديقه متسائلاً ماذا تعني بكلمة (بوقري)؟
وتيس البوقري يحمل صفات جعلته يتبوأ الصدارة على جميع التيوس، فمن صفاته: كبر حجمه، رائحته المنتنة، بياضه المختلط بالصفرة، قرناه المعكوفان فوق رأسه، وسرعته مع إقدامٍ وشجاعة!
هذا التيس له مواقف عدَّة مع كثير من الصبيان وبعض الكبار.
فمن مواقفه التي لا تنسى : أنه ذات صبيحة اقتحم أحد البيوت النائمة، فلم يرعهم إلا ثغاؤه المتهدر، وصوت مزعج، تحدثه قرقعة أظلافه؛ فهرعوا إلى الفناء (الحوش) وتركوه في الغرفة وحده مستسلمين ومسلّمين، فاستنجدت إحدى الفتيات بأحد الشباب، فلما سمع الصوت أقبل في نخوةٍ وشجاعةٍ؛ لينقذ الموقف، فلما سألهم ما الأمر؟ أجابوه عن ما سأل، فأمرهم أن يغلقوا عليه الغرفة مع المجرم الحيوان الذي لا يستحي فيقتحم بيوت الناس بلا وازعٍ ولا رادعٍ، وكان يحذرهم ألا يتركوا منفذاً للتيس لئلا يجد مهرباً، ونسي أنه أحوج من التيس إلى المنفذ والمهرب، ولكنه أصر ففعلوا ما يريد، وبعد عراكٍ ليس بالطويل ساد الصمت أرجاء الغرفة برهة من الوقت إلا من ثغاء ظنوه صوت التيس المحتضر وهو يفارق الحياة، ففتحوا الباب مطمئنين؛ فخرج التيس ولم يخرج الفارس؛ لأنَّه كان صريعاً قد انتابته إغماءةٌ من كثرة ما أصابه من النطح.
دامت إقامة هذا البلاء الذي عمَّ الحيّ مدةً ليست بالقصيرة؛ روّع فيها الكبار والصغار؛ حتى لقد خشي رجال الحيّ أن يمتد شره لذوات الخباء اللواتي لا يملكن حيلةً ولا قوة، فعقد مؤتمرٌ عاجل للقضاء على هذا الشر المستطير، فأجمعوا أمرهم على نفي (التيس) من الحيّ إلى مكان قصيّ لا يعرف منه العودة إلى الحارة ولا يدل الطريق، فخرج بلا عودة، وبدأت الحياة والطمأنينة تدبُّ في الحيِّ من جديد.
في وقت كان الصبية يتلذذون بشقاوتهم البريئة، ويملؤون أفواههم بالضحكات الساخرة، ولم يكن أحد منهم يقدِّر أن شيئاً ما سيحدث، وأنه سيأتي مَنْ يجعلهم أضحوكة عقاباً لهم، ورداً لفعلاتهم ومقالبهم الساخنة؛ حتى دخل الحيَّ تيسٌ فحل نطوح، ملأ الحي بالضجيج والعويل، وشتت جمع الصبية؛ فصاروا لا يخرجون إلا حذرين على قلق واضطراب؛ وكأنَّ ذلك (التيس الفحل) متمثلاً ببيت أبي العتاهية :
كلُّ نطَّاحٍ من الناس لهم يـوم نطـوحُ
دخل هذا التيس وكان لرجلٍ يدعى (البوقري)، وإليه نسب التيس؛ فصار اسمه (تيس البوقري)، وأصبح اسماً مرعباً يملأ القلوب رعدةً، وترتجف الشفاه عند نطقه، وتفرُّ الأقدام هاربةً بصاحبها إذا ما رأى ذلك (التيس النطوح)، حتى إن اسم البوقري صار فيما بعد علماً لكل تيس فحل نطوح عند أهل الحي، فإذا قيل هذا (التيس) (بوقري) فُهِمَ أنه فحل ينطح، وأنه كبير الحجم.
يحدثني أحد الأصدقاء أنه قال لصديقٍ له ليس من سكَّان هذا الحيّ وذلك عندما رأى تيساً كبيراً حيث قال هذا تيس بوقريّ!
فتعجب منه صديقه متسائلاً ماذا تعني بكلمة (بوقري)؟
وتيس البوقري يحمل صفات جعلته يتبوأ الصدارة على جميع التيوس، فمن صفاته: كبر حجمه، رائحته المنتنة، بياضه المختلط بالصفرة، قرناه المعكوفان فوق رأسه، وسرعته مع إقدامٍ وشجاعة!
هذا التيس له مواقف عدَّة مع كثير من الصبيان وبعض الكبار.
فمن مواقفه التي لا تنسى : أنه ذات صبيحة اقتحم أحد البيوت النائمة، فلم يرعهم إلا ثغاؤه المتهدر، وصوت مزعج، تحدثه قرقعة أظلافه؛ فهرعوا إلى الفناء (الحوش) وتركوه في الغرفة وحده مستسلمين ومسلّمين، فاستنجدت إحدى الفتيات بأحد الشباب، فلما سمع الصوت أقبل في نخوةٍ وشجاعةٍ؛ لينقذ الموقف، فلما سألهم ما الأمر؟ أجابوه عن ما سأل، فأمرهم أن يغلقوا عليه الغرفة مع المجرم الحيوان الذي لا يستحي فيقتحم بيوت الناس بلا وازعٍ ولا رادعٍ، وكان يحذرهم ألا يتركوا منفذاً للتيس لئلا يجد مهرباً، ونسي أنه أحوج من التيس إلى المنفذ والمهرب، ولكنه أصر ففعلوا ما يريد، وبعد عراكٍ ليس بالطويل ساد الصمت أرجاء الغرفة برهة من الوقت إلا من ثغاء ظنوه صوت التيس المحتضر وهو يفارق الحياة، ففتحوا الباب مطمئنين؛ فخرج التيس ولم يخرج الفارس؛ لأنَّه كان صريعاً قد انتابته إغماءةٌ من كثرة ما أصابه من النطح.
دامت إقامة هذا البلاء الذي عمَّ الحيّ مدةً ليست بالقصيرة؛ روّع فيها الكبار والصغار؛ حتى لقد خشي رجال الحيّ أن يمتد شره لذوات الخباء اللواتي لا يملكن حيلةً ولا قوة، فعقد مؤتمرٌ عاجل للقضاء على هذا الشر المستطير، فأجمعوا أمرهم على نفي (التيس) من الحيّ إلى مكان قصيّ لا يعرف منه العودة إلى الحارة ولا يدل الطريق، فخرج بلا عودة، وبدأت الحياة والطمأنينة تدبُّ في الحيِّ من جديد.
السبت أكتوبر 12, 2013 6:48 pm من طرف أبو مشاري
» شخصيات من الحي
الأحد أبريل 10, 2011 12:23 am من طرف زائر
» الشنقيطي يشرح بمسجد التنعيم
الإثنين أكتوبر 05, 2009 3:46 am من طرف ابو صبا
» منازل ايران قبل 700 سنة
الجمعة سبتمبر 04, 2009 6:18 am من طرف أبو مشاري
» رمضان شاهد لك او عليك
الخميس سبتمبر 03, 2009 10:52 am من طرف أبو مشاري
» حياة القلوب
الإثنين أغسطس 31, 2009 11:24 pm من طرف أبو مشاري
» اسئلة بدون مجاملة للواثقين فقط
الأربعاء أغسطس 26, 2009 1:58 am من طرف ابو صبا
» تحديد القبلة بالجوال .........راااااائع
الأحد أغسطس 16, 2009 8:45 am من طرف ابو صبا
» المصحف الشريف على شاشتك كأنك تلمسه
الأحد أغسطس 16, 2009 8:26 am من طرف ابو صبا