كهرباء الجفالي
كتبها / سعود الصاعدي
كانت حارتنا في فترة من الزمن لا يشتعل فيها عود ثقاب من ضياء، وكان الليل مخيفاً إذا ما ابتلعت ظلماته شعبنا الذي ينام في أحضان ثلاثةٍ من الجبال المحيطة به..
وأول ما بدأ النور بدأ من خلال مصباح صغير يُسمَّى (الأتريك) كان يشعله موظف الدولة في أعلى الحيِّ وآخر في أسفله، وكانت تلك المصابيح كليلةً لا تستطيع مقاومة جيشٍ من الظلام فهي تحاول اختراق جُدُرَ الظلام ولكن أنَّى لها ذلك؟!.
ولمّا أراد الله أن يسبغ نعمته على (حارتنا) هيّأ لها سبيل ذلك حيث بدأت كهرباء (الجفالي) تمدُّ عروقها وشرايينها في جسد (الحارة القديمة).
وما هي إلا أيام حتى نفخت فيها روح الكهرباء وبدأت الأنوار تتلألأ واشتعلت الظلمات فاستحالت إلى رداء أبيض من نور وهاج ثم ولّت بعد ذلك فلولها إلى غير رجعة!.
ولأنَّ حارتنا حديثة عهدٍ آنذاك بحياة البادية فقد كان أهلها يجهلون خطر الكهرباء ولا يعلمون أنَّ هذه العروق (الأسلاك) والشرايين كما تنفخ روحها وضياءً في مسالك الحارة ومساربها إلا أنها أيضاً تلتهم من يمسّها أو يقترب منها وتفقده روحه وأنها كما تضيءُ الحياة إلا أنها أيضاً قد تطفئ شعلة الحياة وتملأ النفوس بظلام الحزن.
وكم حصلت وحدثت من مواقف مع الكهرباء كاد أن تودي بحياة من عبث بها، والعجيب في ذلك أنها لا تعرف صغيراً ولا كبيراً ولا جاهلاً ولا عالماً بل حتى أحياناً تختطف بأسلاكها القاتلة طيور السماء ودواب الأرض!.
ومن المواقف المضحكة والتي كادت أن تكون مبكية لولا أن لطف الله وستر هذا الموقف :
كان أحد الصبية يعبث بأحد الأسلاك الملقاة على قارعة الطريق.. وكان يأمل أن يكون طبيباً ماهراً مما حدا به إلى أن يقلد الطبيب فكاد أن ينقل إلى الطبيب.. حيث التقط ذلك السلك وربطه في مسمارين كل مسمارٍ من طرف ثم بعد ذلك أخرج (طرف الموت) طرفاً ثالثاً… فماذا فعل أتدرون؟! وماذا سيفعل الطبيب الماهر سوى أن يضع السماعة في أذنيه وطرفها الثالث على صدر المريض!! وصاحبنا وضع المسمارين في أذنيه أدخلهما جيداً ولتكتمل الدائرة الكهربائية أدخل الطرف الثالث في فيش الكهرباء فكاد أن يضيء رأسه.. كاد أن يتحول إلى مصباح كهربائي.. ويحترق.. وما هي إلا أن أدخل (السلك) في (الفيش) حتى تسرّبت ذرّات الكهرباء في جسده وقذفته بعيداً ترتعد فرائصه ولولا عناية الله به لكان أول شهيد في معركة (الكهرباء)!.
وما أكثر المواقف في تلك الفترة مع أسلاك الموت حتى أنّي أذكر أنه ذات ليلة هادئة دوّت صرخة أيقظت الناس ومزّقت حجب الصمت المطبق وكانت الصرخة منبعثة من شرفة أحد البيوت تطلب النجدة من شراك تلك الأسلاك القاتلة والتي هي الآن تملأ شارع الحيِّ مختبئةً في كبائن تحتضن الموت في أحشائها! وأخشى أن تصطاد الأبرياء من الأطفال نتيجة إهمال شركة الكهرباء والتي تمتلك تقنيات وقدرات لا تمتلكها كهرباء الجفالي في ذلك الوقت ولكن لا مجيب إلا عند إغاثة جثة محترقة من قبضة الكهرباء التي لا تفلت صيدها إلا بعد أن تمتصَّ دمه وتشوي لحمه تحت براثن (الأسلاك).
كتبها / سعود الصاعدي
كانت حارتنا في فترة من الزمن لا يشتعل فيها عود ثقاب من ضياء، وكان الليل مخيفاً إذا ما ابتلعت ظلماته شعبنا الذي ينام في أحضان ثلاثةٍ من الجبال المحيطة به..
وأول ما بدأ النور بدأ من خلال مصباح صغير يُسمَّى (الأتريك) كان يشعله موظف الدولة في أعلى الحيِّ وآخر في أسفله، وكانت تلك المصابيح كليلةً لا تستطيع مقاومة جيشٍ من الظلام فهي تحاول اختراق جُدُرَ الظلام ولكن أنَّى لها ذلك؟!.
ولمّا أراد الله أن يسبغ نعمته على (حارتنا) هيّأ لها سبيل ذلك حيث بدأت كهرباء (الجفالي) تمدُّ عروقها وشرايينها في جسد (الحارة القديمة).
وما هي إلا أيام حتى نفخت فيها روح الكهرباء وبدأت الأنوار تتلألأ واشتعلت الظلمات فاستحالت إلى رداء أبيض من نور وهاج ثم ولّت بعد ذلك فلولها إلى غير رجعة!.
ولأنَّ حارتنا حديثة عهدٍ آنذاك بحياة البادية فقد كان أهلها يجهلون خطر الكهرباء ولا يعلمون أنَّ هذه العروق (الأسلاك) والشرايين كما تنفخ روحها وضياءً في مسالك الحارة ومساربها إلا أنها أيضاً تلتهم من يمسّها أو يقترب منها وتفقده روحه وأنها كما تضيءُ الحياة إلا أنها أيضاً قد تطفئ شعلة الحياة وتملأ النفوس بظلام الحزن.
وكم حصلت وحدثت من مواقف مع الكهرباء كاد أن تودي بحياة من عبث بها، والعجيب في ذلك أنها لا تعرف صغيراً ولا كبيراً ولا جاهلاً ولا عالماً بل حتى أحياناً تختطف بأسلاكها القاتلة طيور السماء ودواب الأرض!.
ومن المواقف المضحكة والتي كادت أن تكون مبكية لولا أن لطف الله وستر هذا الموقف :
كان أحد الصبية يعبث بأحد الأسلاك الملقاة على قارعة الطريق.. وكان يأمل أن يكون طبيباً ماهراً مما حدا به إلى أن يقلد الطبيب فكاد أن ينقل إلى الطبيب.. حيث التقط ذلك السلك وربطه في مسمارين كل مسمارٍ من طرف ثم بعد ذلك أخرج (طرف الموت) طرفاً ثالثاً… فماذا فعل أتدرون؟! وماذا سيفعل الطبيب الماهر سوى أن يضع السماعة في أذنيه وطرفها الثالث على صدر المريض!! وصاحبنا وضع المسمارين في أذنيه أدخلهما جيداً ولتكتمل الدائرة الكهربائية أدخل الطرف الثالث في فيش الكهرباء فكاد أن يضيء رأسه.. كاد أن يتحول إلى مصباح كهربائي.. ويحترق.. وما هي إلا أن أدخل (السلك) في (الفيش) حتى تسرّبت ذرّات الكهرباء في جسده وقذفته بعيداً ترتعد فرائصه ولولا عناية الله به لكان أول شهيد في معركة (الكهرباء)!.
وما أكثر المواقف في تلك الفترة مع أسلاك الموت حتى أنّي أذكر أنه ذات ليلة هادئة دوّت صرخة أيقظت الناس ومزّقت حجب الصمت المطبق وكانت الصرخة منبعثة من شرفة أحد البيوت تطلب النجدة من شراك تلك الأسلاك القاتلة والتي هي الآن تملأ شارع الحيِّ مختبئةً في كبائن تحتضن الموت في أحشائها! وأخشى أن تصطاد الأبرياء من الأطفال نتيجة إهمال شركة الكهرباء والتي تمتلك تقنيات وقدرات لا تمتلكها كهرباء الجفالي في ذلك الوقت ولكن لا مجيب إلا عند إغاثة جثة محترقة من قبضة الكهرباء التي لا تفلت صيدها إلا بعد أن تمتصَّ دمه وتشوي لحمه تحت براثن (الأسلاك).
السبت أكتوبر 12, 2013 6:48 pm من طرف أبو مشاري
» شخصيات من الحي
الأحد أبريل 10, 2011 12:23 am من طرف زائر
» الشنقيطي يشرح بمسجد التنعيم
الإثنين أكتوبر 05, 2009 3:46 am من طرف ابو صبا
» منازل ايران قبل 700 سنة
الجمعة سبتمبر 04, 2009 6:18 am من طرف أبو مشاري
» رمضان شاهد لك او عليك
الخميس سبتمبر 03, 2009 10:52 am من طرف أبو مشاري
» حياة القلوب
الإثنين أغسطس 31, 2009 11:24 pm من طرف أبو مشاري
» اسئلة بدون مجاملة للواثقين فقط
الأربعاء أغسطس 26, 2009 1:58 am من طرف ابو صبا
» تحديد القبلة بالجوال .........راااااائع
الأحد أغسطس 16, 2009 8:45 am من طرف ابو صبا
» المصحف الشريف على شاشتك كأنك تلمسه
الأحد أغسطس 16, 2009 8:26 am من طرف ابو صبا